خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025 : مظاهرُ عنايةِ الإسلامِ بالطفولةِ ، للشيخ خالد القط
خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025 بعنوان : مظاهرُ عنايةِ الإسلامِ بالطفولةِ ، للشيخ خالد القط ، بتاريخ 6 رجب 1447هـ ، الموافق 26 ديسمبر 2025م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025 بصيغة word بعنوان : مظاهرُ عنايةِ الإسلامِ بالطفولةِ، بصيغة word للشيخ خالد القط
ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025 بصيغة pdf بعنوان : مظاهرُ عنايةِ الإسلامِ بالطفولةِ، للشيخ خالد القط
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 26 ديسمبر 2025 بعنوان : مظاهرُ عنايةِ الإسلامِ بالطفولةِ، للشيخ خالد القط ، كما يلي:
مَظَاهِرُ عِنَايَةِ الإِسْلَامِ بِالطُّفُولَةِ
بتاريخ 6 رجب 1447هـ – 26 ديسمبر 2025م
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، نَحْمَدُهُ تَعَالَى حَمْدَ الشَّاكِرِينَ، وَنَشْكُرُهُ شُكْرَ الحَامِدِينَ. وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، القَائِلُ فِي كِتَابِهِ العَزِيزِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ سُورَةُ التَّحْرِيمِ (٦).
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَصَفِيُّهُ مِنْ خَلْقِهِ وَحَبِيبُهُ، اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَزِدْ وَبَارِكْ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، حَقَّ قَدْرِهِ وَمِقْدَارِهِ العَظِيمِ.
أَمَّا بَعْدُ:
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ أَطْفَالَنَا هُمْ أَغْلَى وَأَعَزُّ مَا نَمْلِكُ فِي هَذِهِ الحَيَاةِ، فَهُمْ فَلَذَاتُ أَكْبَادِنَا، وَثَمَرَاتُ قُلُوبِنَا، وَعِمَادُ ظُهُورِنَا، هُمْ بَهْجَةُ نُفُوسِنَا، وَسِرَاجُ بُيُوتِنَا، وَقُرَّةُ عُيُونِنَا، هُمْ أَمَانَةٌ فِي أَعْنَاقِنَا، سَنُسْأَلُ عَنْهَا أَمَامَ رَبِّ العَالَمِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ الطِّفْلَ يَحْتَاجُ إِلَى رِعَايَةٍ وَتَوْجِيهٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى هَذِهِ الدُّنْيَا لَا يَمْلِكُ لِنَفْسِهِ مِنَ الأَمْرِ شَيْئًا، تَعْلُوهُ البَرَاءَةُ وَالفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ الَّتِي تَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يَزْرَعُ فِيهِ الخَيْرَ وَالصَّوَابَ، وَأَنَّهُ فِي النِّهَايَةِ سَيَجْنِي خَيْرًا كَثِيرًا؛ لِأَنَّ الإِنسَانَ مِنَّا يُبْنَى مِنْ طُفُولَتِهِ.
فَالطِّفْلُ أَشْبَهُ مَا يَكُونُ بِعُودٍ مِنَ الشَّجَرِ، يَسْهُلُ تَقْوِيمُهُ حِينَ يَكُونُ غَضًّا طَرِيًّا، وَلَكِنْ إِذَا اشْتَدَّ العُودُ وَكَبُرَ عَلَى اعْوِجَاجِهِ يَسْتَحِيلُ تَقْوِيمُهُ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ القُرْآنُ الكَرِيمُ بِالفِطْرَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ القَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ سُورَةُ الرُّومِ (٣٠).
وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَيْضًا حَبِيبُنَا المُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَثَلِ البَهِيمَةِ تُنْتَجُ البَهِيمَةَ، هَلْ تَرَى فِيهَا جَدْعَاءَ﴾.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، لَقَدْ كَانَ اهْتِمَامُ الإِسْلَامِ بِمَرْحَلَةِ الطُّفُولَةِ اهْتِمَامًا خَاصًّا، تَفَرَّدَ بِهِ الإِسْلَامُ عَنْ غَيْرِهِ مِنْ أَيِّ مَنْهَجٍ آخَرَ؛ فَقَدْ كَانَتْ نَظْرَةُ الإِسْلَامِ أَشَدَّ عُمْقًا، حِينَ أَمَرَ كُلًّا مِنَ الزَّوْجَيْنِ بِحُسْنِ الِاخْتِيَارِ، وَأَنْ يَكُونَ الِاخْتِيَارُ عَلَى أَسَاسِ الدِّينِ وَالتَّقْوَى، وَلَيْسَ عَلَى أَيِّ أَمْرٍ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتِ المُقَدِّمَاتُ صَحِيحَةً أَثْمَرَتْ نَتَائِجَ طَيِّبَةً، وَالعَكْسُ صَحِيحٌ.
قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا ۚ كَذَٰلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ﴾ سُورَةُ الأَعْرَافِ (٥٨).
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، وَلَقَدْ وَضَعَ الإِسْلَامُ مَنْهَجًا لِحِمَايَةِ وَرِعَايَةِ الطِّفْلِ، وَذَلِكَ مُنْذُ لَحْظَةِ خُرُوجِهِ إِلَى الدُّنْيَا؛ فَكُلُّ مَا يُحَافِظُ عَلَى حَيَاتِهِ وَنَمَائِهِ تَكَفَّلَ الإِسْلَامُ لَهُ بِهَذِهِ الحُقُوقِ.
فَعَلَى سَبِيلِ المِثَالِ: حَقُّهُ فِي الرَّضَاعِ، وَكَذَلِكَ حَقُّهُ فِي النَّفَقَةِ وَالكِسْوَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ﴾ سُورَةُ البَقَرَةِ (٢٣٣).
كَمَا بَيَّنَ الحَبِيبُ المُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ تَرْكَ الطِّفْلِ وَتَضْيِيعَهُ وَعَدَمَ الإِنْفَاقِ عَلَيْهِ يُعَدُّ مِنْ أَكْبَرِ الذُّنُوبِ وَالآثَامِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ الأَكْبَرَ عَلَى الإِطْلَاقِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُودَ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ﴾.
وَمِنْ هُنَا، فَإِنَّ كُلَّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُحَافِظَ عَلَى حَيَاةِ الطِّفْلِ وَيَرْتَقِيَ بِأَخْلَاقِهِ وَسُلُوكِهِ، مِثْلَ حَقِّهِ فِي التَّعْلِيمِ، وَأَنْ يَتَرَبَّى تَرْبِيَةً صَالِحَةً، أَمَرَ الإِسْلَامُ بِتَفْعِيلِ هَذِهِ الأُمُورِ حَتَّى يَنْشَأَ جِيلٌ يَنْفَعُ نَفْسَهُ وَأَهْلَهُ وَوَطَنَهُ.
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، إِنَّ المُتَأَمِّلَ فِي المَنْهَجِ النَّبَوِيِّ وَالهَدْيِ المُحَمَّدِيِّ فِي تَعَامُلِهِ الشَّرِيفِ مَعَ الأَطْفَالِ، أَوْ تَوْعِيَتِهِ وَتَوْجِيهِهِ إِلَيْهِمْ، فَإِنَّنَا سَنَجِدُ أَنْفُسَنَا أَمَامَ بَحْرٍ لَا سَاحِلَ لَهُ مِنَ العَطَاءِ وَالحَنَانِ وَالعَطْفِ وَالأَمَانِ، وَالرَّحْمَةِ فِي أَبْهَى صُوَرِهَا وَأَشْكَالِهَا.
فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي، حِينَ كَانَ يُصَلِّي وَيَحْمِلُ حَفِيدَتَهُ بِنْتَ ابْنَتِهِ زَيْنَبَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ؛ فَعِنْدَ أَبِي دَاوُودَ وَغَيْرِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ: ﴿أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا﴾.
بَلِ انْظُرْ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَنْزِلُ مِنْ مِنْبَرِهِ الشَّرِيفِ، وَيَقْطَعُ خُطْبَتَهُ وَيَحْتَضِنُ الحَسَنَ وَالحُسَيْنَ؛ فَعِنْدَ أَبِي دَاوُودَ وَغَيْرِهِ أَيْضًا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ الخَطِيبِ الأَسْلَمِيِّ: ﴿كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُنَا إِذْ جَاءَ الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا قَمِيصَانِ أَحْمَرَانِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ، فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ المِنْبَرِ فَحَمَلَهُمَا وَوَضَعَهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: صَدَقَ اللَّهُ: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ، نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَّيْنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا﴾.
بَلْ قِفْ طَوِيلًا أَمَامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَلَى قَدْرِهِ وَمِقْدَارِهِ العَظِيمِ، وَهُوَ يُدَاعِبُ طِفْلًا صَغِيرًا وَيُمَازِحُهُ وَيُكَنِّيهِ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ (أَبُو عُمَيْرٍ)، بَلْ وَيَنْزِلُ إِلَى اهْتِمَامِ هَذَا الطِّفْلِ الصَّغِيرِ، وَهُوَ يَسْأَلُهُ عَنْ عُصْفُورِهِ الصَّغِيرِ الَّذِي كَانَ يُسَمَّى النُّغَيْرَ، وَكَانَ يَلْعَبُ بِهِ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: ﴿إِنْ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ لَيُخَالِطُنَا، حَتَّى يَقُولَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ: يَا أَبَا عُمَيْرٍ، مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ﴾.
بَلِ انْظُرْ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُعَلِّمُ طِفْلًا صَغِيرًا آدَابَ تَنَاوُلِ الطَّعَامِ، بِكُلِّ حِلْمٍ وَرَحْمَةٍ وَرِقَّةٍ؛ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ قَالَ: ﴿كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وَكُلْ بِيَمِينِكَ، وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ، فَمَا زَالَتْ تِلْكَ طِعْمَتِي بَعْدُ﴾.
إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوَاقِفِهِ الجَلِيلَةِ وَالعَظِيمَةِ هَذِهِ يَسْطُرُ لَنَا رِسَالَةً بِحُرُوفٍ مِنْ نُورٍ فَحْوَاهَا: أَنَّ بِنَاءَ شَخْصِيَّةِ الطِّفْلِ تَحْتَاجُ إِلَى أُسْلُوبٍ خَاصٍّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ، وَأَنَّكَ تَبْلُغُ بِاللُّطْفِ مَا لَا تَبْلُغُ بِالعُنْفِ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
أَيُّهَا المُسْلِمُونَ، إِذَا أَرَدْنَا أَنْ يَنْشَأَ طِفْلٌ نَشْأَةً سَوِيَّةً، يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نُعْطِيَهُ مِسَاحَةً مِنَ اللَّعِبِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّعِبَ يُعَدُّ بِمَثَابَةِ مُتَنَفَّسٍ طَبِيعِيٍّ لِاِسْتِخْرَاجِ طَاقَاتِ الأَطْفَالِ، وَقَدْ أَشَارَ القُرْآنُ الكَرِيمُ إِلَى ذَلِكَ فِي قِصَّةِ سَيِّدِنَا يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَذَلِكَ حِينَ طَلَبَ إِخْوَةُ يُوسُفَ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ يَعْقُوبَ أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُمْ أَخَاهُمْ يُوسُفَ مِنْ أَجْلِ اللَّعِبِ، قَالَ تَعَالَى عَلَى لِسَانِهِمْ: ﴿أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ سُورَةُ يُوسُفَ (١٢).
وَلَكِنْ طَرَأَ فِي زَمَانِنَا هَذَا أَلْعَابٌ مِنْ نَوْعِيَّةٍ خَاصَّةٍ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بِالأَلْعَابِ الإِلِكْتُرُونِيَّةِ، بَلْ وَأَصْبَحَتْ وَاقِعًا مَفْرُوضًا عَلَيْنَا؛ لِذَلِكَ يَنْبَغِي عَلَى كُلِّ وَلِيِّ أَمْرٍ أَنْ يَقُومَ بِدَوْرِهِ عَلَى أَكْمَلِ وَجْهٍ، فَيَكُونَ هُنَاكَ وَقْتٌ مُحَدَّدٌ لَا يَتِمُّ تَجَاوُزُهُ مِنَ الطِّفْلِ، مَعَ الِاهْتِمَامِ بِنَوْعِيَّةِ الأَلْعَابِ الَّتِي يَلْعَبُهَا الأَطْفَالُ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ أَلْعَابًا قَدْ تَجُرُّ الأَطْفَالَ إِلَى عَمَلِيَّاتِ نَصْبٍ وَابْتِزَازٍ وَأُمُورٍ أُخْرَى لَا تُحْمَدُ عُقْبَاهَا.
إِنْ تَرَكْنَا أَطْفَالَنَا لِفَتَرَاتٍ طَوِيلَةٍ أَمَامَ هَذِهِ الأَلْعَابِ، يُفْقِدُهُمْ تَرْكِيزَهُمْ وَاسْتِيعَابَهُمْ، وَيَجْعَلُهُمْ لَدَيْهِمْ تَشَتُّتٌ سَوَاءٌ كَانَ فِكْرِيًّا أَوْ ذِهْنِيًّا؛ فَعَلَيْنَا العَمَلُ عَلَى حِمَايَتِهِمْ وَالمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمْ حَتَّى نَعْبُرَ بِهِمْ إِلَى بَرِّ الأَمَانِ.
نَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَحْفَظَ أَبْنَاءَنَا وَبَنَاتِنَا، وَأَنْ يَحْفَظَ مِصْرَنَا الغَالِيَةَ مِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ وَسُوءٍ.
بقلم: الشيخ خالد القط
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف








